الأربعاء، يونيو 30، 2010

عندما تتحكم طهران بقواعد اللعبة !

مقال بقلم /محمد صالح الحسيني

وكالة فارس : مرة اخرى يخطئ الغرب في حساباته ,ويقع في الفخ الذي نصب له بعناية ,فالعقوبات التي ظن انها ستردع الاخيرة انما جعلت منها ترفع من سقف مطالبها اولا و تطالب بتغيير فرقاء التفاوض ثانيا , وتضع شرطا باعلان موقف صريح من ترسانة اسرائيل النووية لكل من يريد مفاوضتها ثالثا !

فقد اعلن احمدي نجاد ان جولة الحوار المقبلة لن تكون ايران مقابل الخمسة زائد واحد , وهو ما يعني ادخال تركيا والبرازيل كحد ادنى اذا لم تفرض اسماء دول جديدة في المستقبل كشرط موضوعي لاستئناف المفاوضات !

كما اعلن احمدي نجاد بان تدرج قضية التسلح النووي (الاسرائيلي) في اية مفاوضات مقبلة مع الغرب اذا ما ارادت هذه الدول ان تكون المفاوضات ناجعة !

وثالثا وهو الامر الخطير بدوره ايضا الا وهو ان ايران هي الاخرى وهي الدولة العضوة في معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية تريد بجد معالجة قلقها وقلق الراي العام العالمي تجاه مخزون الدول العظمى من الترسانة النووية !

تغيرت قواعد اللعبة اذا , ولن يكون من الآن فصاعدا جدول اعمال اية مفاوضات بين ايران والغرب مجرد ما بات يعرف بالملف النووي الايراني !

وطهران كانت تعرف مبكرا بان اصرار الغرب على جر ملف ايران الى مجلس الامن الدولي والتهويل الدائم بما يسميه بالخطر الايراني الداهم على الامن والاستقرار الدوليين , انما يهدف من ورائه ابقاء اسم ايران حاضرا على الدوام في سلة التعاملات والمقايضات وحل النزاعات بين الدول الكبرى اكثر مما هو معالجة لملف مقلق لاحد حقل الا اللهم للعدو الصهيوني !

روسيا والصين تعرفان بدورهما ذلك تماما , وقد استغلتا الامر اشد الاستغلال وقبضتا اثمانا باهضة مقابل القبول بالرواية الامريكية التي يعرفان عمق خداعها , لكنهما يعرفان ايضا مدى حاجة واشنطن لتلك الخديعة ولذلك كان التكاذب المشترك وكانت المقايضات والصفقات التي اكسبتهما الكثير , فيما كان الامريكي المنهك على اكثر من صعيد يدفع تلك الاثمان الباهضة مكرها وهو يعض على جرحه النازف !

كبير هو موقع ايران الجيوسياسي , وغني وثري ومحكم هو ايضا المجتمع الايراني بما لا يقاس مع وضع اي موقع آخر يمكن ان يتعرض للحصار !

وبالتالي لا معنى مطلقا لشئ اسمه محاصرة ايران , واذا كان الامريكيون يعرفون ذلك كما يفترض فانهم كلما تقدموا خطوة جديدة باتجاه ما يسمونه محاصرة ايران فانهم يخسرون مزيدا من الفرص المتاحة امامهم كما يجعلون شركائهم الاوروبيين يخسرون اكثر فاكثر !

واليكم بعض الادلة العابرة فقط لتكون شاهدا على ما نقول :

اولا : كيف يمكن محاصرة بلد قوي و مفتوح على اهم بحار العالم وله يد عليا في اهم المضائق البحرية الدولية ويستطيع اغلاق بعضها على التجارة الغربية متى ما تم تهديده جديا ؟!

ثانيا : كيف يمكن محاصرة بلد له علاقات تتوسع يوما بعد يوم مع بلدان اساسية في العالم باتت منضمة الى فريقه التفاوضي من بينها دولة عضوة في حلف الاطلسي مثل تركيا الى دولة مهمة مثل البرازيل تلعب في خاصرة الولايات المتحدة الامريكية وكلاهما ليس فقط يرفض محاصرة ايران بل ياعهد في كسر هذا الحصار ؟!

ثالثا : كيف يمكن محاصرة بلد كبير له تاريخ في الصمود امام رياح الاجنبي بما يملك دورة اقتصاد دينية شعبية بديلة تضاهي ان لم تكن اكبر من حجم اقتصاد الدولة الايرانية المعاصرة ؟!

وقد يكون هنا بيت القصيد الذي تجهله واشنطن كما جهلته من قبل قوى القراصنة البحرية السابقة عليها و التي لطالما حاولت اخضاع ايران تاريخيا وفشلت في وقت كان يحكم ايران من لم يكونوا ممثلين للامة الايرانية ,فكيف بهم وهم اليوم وهم يواجهون تلاحما نادرا بين اجزاء هذه الامة في اطار قيامتين دينية وقومية قل نظيرها في تاريخ ايران القديم والحديث لاسيما عندما يتعلق الامر بالملف النووي كما هي الحالة الراهنة !

انظروا فقط ماذا فعلت فصول العقوبات الثلاث الاولى , الم تجعل ايران تخصب بمستوى عشرين بالمائة بدلا من ثلاثة او خمسة بالمائة ؟

انظروا الى قبل ذلك , الم تجعل ظروف المقاطعة القاسية التي واكبت انطلاقة الثورة منذ ثلاثة عقود من ايران دولة عظمى اقليمية بل ورقما صعبا في المعادلة الدولية بعد ان كانت على وشك السقوط في اية لحظة على مدى عقد كامل من الزمان ؟!

ثمة من قد يخطر بباله ان يهول على ايران او يريد ان يقول لها ناصحا, وكيف تريد ايران ان تواجه كل هذه القوى العالمية الكبرى مرة واحدة ما دام الاتجاه هو الى مزيد من الاجماع الدولي ضها وهو ما قد يعني العزلة المتزايدة !

لهؤلاء نقول ايضا المهولون منهم والناصحون , انتم كذلك لا تعرفون ايران من الداخل جيدا , فايران من حيث هي ايران دولة بمستوى القارة فعلا , وهي تملك من الغنى والقوة الذاتية بما يمكنها من ادارة شؤونها الداخلية حتى وان قطعت ايرادات النفط عنها بالكامل وليس فقط كما يقول الرئيس نجاد ادارة البلاد بنفط يباع بخمسة دولارات للبرميل الواحد !

ثمة قوة خفية تجمع بين كل قطاعات الشعب الايراني بشكل متين وصلب , انصح الغرب السطحي في قرائته لايران ان لا يستفز تلك القوة الخفية من خلال المزيد من العقوبات !

انظروا الى ثورة استهلاك البنزين , ومن ثم الثورة الكامنة في هذا المجال والتي حركها الحصار والمقاطعة ليجعل من ايران الى دولة مصدرة للبنزين قريبا !

انظروا الى قصة النووي نفسها , الم تجعل خطوات زيمنس وقبلها اوروديف وبعدها تلاعبات الروس وتعللهم الى جعل ايران توطن التكنولوجيا النووية بشكل كامل وهي تقترب من تحولها الى دولة مكتفية على مستوى تامين الوقود النووي , ويكفي ان ينتظر العالم للربيع المقبل او الصيف كاقصى حد حتى تعلن طهران عدم حاجتها ليس فقط لتبادل الوقود مع العالم الخارجي بل ولشراء النظائر بعد ان شرعت في عملية تصنيعها محليا !

ماذا تريد امريكا والكيان الصهيوني من ايران اذا , ولماذا تبدوان مصرتان على ابقاء ملفها النووي على جدول اعمال الراي العام العالمي وجدول اعمال اي اجتماع دولي؟!

اولا : لابتزاز الدول الكبرى الاخرى الشريكة لهما في التسلح النووي كما في احتكار صناعة الوقود النووي من اجل اخذ مزيد من التنازلات ان امكن او دفع اثمان اقل في المقايضات التي تجريها معها وهي مكرهة.

ثانيا : وقف الاندفاعة الايرانية عند حد معين لا تتخطاه الى ما يقلب موازين القوى الاقليمية والدولية التي اعتادت القوتان ان تتحكم بها حتى الآن الى ان جاءت ايران لتغير وج المنطقة .

ثالثا : الآن وقد افلتت ايران من عقال او حزام الاحتكار النووي , فان المطلوب منع اية قوة اخرى ان تحذو حذو ايران , ان على مستوى القرار السياسي المستقل او على مستوى اكتساب المعارف والتقنية المتقدمة وفي طليعتها التقنية النووية .

هذه هي بنك اهداف تل ابيب وواشنطن من ابقاء ملف ايران النووي على الاجندة الاعلامية والدعائية كجزء لا يتجزأ من الحرب النفسية

ولما كان الغرب يعرف تماما بان قوة دفع القطار الايراني المنطلق هي قوة دفع ذاتية قابلة للتجديد من الداخل الايراني فانه يبحث عن اقل الاثمان للتعايش مع هذه الاندفاعة مع محاولة وقف انتقال هذه العدوى ان امكن !

/ نهاية الخبر/



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق